ما حقيقة ارتباط الكيمتريل بضعف الموسم المطري في بلاد الشام؟

كتبها محمد عوينة بتاريخ 2025/10/28

طقس العرب - خلال السنوات الأخيرة، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مزاعم تربط بين ما يُعرف بـ “غاز الكيمتريل” وخطوط الطائرات البيضاء التي تُرى في السماء، وبين ظواهر مناخية مثل الانحباس المطري. و يعتقد البعض أن هذه الخطوط ناتجة عن مواد كيميائية تُرش عمدًا للتأثير على الطقس أو التحكم بالمناخ، فيما يؤكد العلماء أن ما نراه ليس أكثر من بخار ماء متجمد ناتج عن عوادم الطائرات في طبقات الجو العليا.

و بين هذه المزاعم والتفسيرات العلمية، تتجدد الأسئلة: هل للكيمتريل علاقة فعلية بتراجع الأمطار؟ أم أن ما يحدث يُفسَّر بعوامل مناخية طبيعية بحتة؟ و في ضوء ذلك، يُسلط المُختصين في هذا المقال، الضوء على أصل الفكرة، والأدلة العلمية المتعلقة بها، ونستعرض الموقف العلمي حول تأثير الطائرات على الطقس في منطقتنا.

 

أصل فكرة الكيمتريل

تعود جذور فكرة “الكيمتريل” إلى أواخر التسعينات، حين بدأ بعض الأشخاص يلاحظون خطوطًا بيضاء طويلة تبقى في السماء بعد مرور الطائرات. هذه الخطوط فُسّرت من قبل البعض على أنها مواد كيميائية تُرش عمدًا لأغراض سرّية، مثل التحكم في الطقس أو التأثير على المناخ. زاد انتشار هذه الفكرة بعد نشر تقرير أمريكي عام 1996 بعنوان “الطقس كقوة مضاعفة: امتلاك الطقس في عام 2025”، والذي تحدث بشكل نظري عن احتمالية استخدام تقنيات مستقبلية لتعديل الطقس. ورغم أن التقرير كان بحثًا افتراضيًا لا يمثل مشروعًا حقيقيًا، إلا أن البعض اعتبره دليلاً على وجود برامج سرّية في هذا المجال.

ومع توسّع الإنترنت ومنتديات النقاش في تلك الفترة، بدأت الصور والفيديوهات التي تُظهر خطوط الطائرات تُتداول بشكل واسع، ما ساهم في انتشار النظرية على مستوى عالمي، قبل أن تنتقل إلى منطقتنا لاحقًا.

 

التفسير العلمي للظاهرة

يؤكد العلماء أن الخطوط البيضاء التي تُرى خلف الطائرات ليست غازات كيميائية، بل هي ظاهرة طبيعية تُعرف باسم خطوط التكاثف (Contrails). تتكوّن هذه الخطوط عندما يخرج بخار الماء من عادم الطائرة في طبقات الجو العليا الباردة، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، فيتجمّد البخار ويتحوّل إلى بلورات ثلجية دقيقة تُشكّل سحبًا رفيعة تشبه السحب العالية (cirrus clouds).

تختلف مدة بقاء هذه الخطوط في السماء حسب الرطوبة ودرجة حرارة الجو في تلك الطبقات: فكلما كان الهواء أكثر رطوبة وبرودة، استمرت الخطوط لفترة أطول، وهو ما يفسر بقاءها أحيانًا لساعات. من الناحية العلمية، لا تحتوي هذه الخطوط على أي مواد كيميائية أو بيولوجية غريبة، ولم تُثبت أي دراسة معتمدة وجود عمليات رش متعمّدة من الطائرات التجارية أو العسكرية. لذلك، يرى المختصون أن “الكيمتريل” ليس إلا سوء فهم لظاهرة جوية معروفة تحدث يوميًا في أجواء العالم.

 

هل تؤثر خطوط الطائرات على الطقس والأمطار؟

من الناحية العلمية، لم تُثبت أي دراسة وجود علاقة بين خطوط الطائرات وتأخر الأمطار أو حدوث الجفاف. فهذه الخطوط تتكوّن في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، على ارتفاع يتراوح بين 8 و12 كيلومترًا، وهي مناطق بعيدة جدًا عن الطبقات التي تتكوّن فيها السحب الماطرة.

تشير الأبحاث إلى أن خطوط التكاثف قد تؤثر بشكل طفيف على درجات الحرارة السطحية من خلال حجب جزء بسيط من الإشعاع الشمسي نهارًا أو احتباس الحرارة ليلًا، لكنها لا تملك القدرة على إحداث تغيير فعلي في أنماط الهطول المطري.

أما الأساليب المعروفة لتعديل الطقس، مثل استمطار السحب (Cloud Seeding)، فهي تُجرى في ظروف محددة وباستخدام مواد معروفة كيميائيًا مثل يوديد الفضة، وتُنفذ على ارتفاعات أقل بكثير داخل السحب نفسها. ومع ذلك، فإن نتائجها محدودة وغير مضمونة، إذ أظهرت التجارب حول العالم أن تأثيرها لا يتجاوز زيادات طفيفة في كمية المطر، أو قد لا ينتج عنها أي تغيير يُذكر. بالتالي، فإن الاعتقاد بأن “الكيمتريل” وراء الانحباس المطري في بلاد الشام لا يستند إلى أي أساس علمي، بل يتعارض مع ما تؤكده المراكز البحثية.

 

و الله تعالى أعلى و أعلم.

 



تصفح على الموقع الرسمي



جامايكا على موعد مع الكارثة.. "ميليسا" الأقوى منذ 1988 يقترب كأقوى إعصار في تاريخ الجزيرة الحديثبث مباشر من عدة مواقع للإعصار ميليسا الأقوى على وجه الأرضبالفيديو | طائرة تقتحم عين إعصار "ميليسا" الأقوى على وجه الأرض وتكشف مفاجأة مدهشة!الأسباب العلمية وراء البداية الضعيفة للموسم المطري في بلاد الشام و المنطقةإحصائية مبشرة: بداية ضعيفة للموسم المطري تنتهي بأمطار حول أو أعلى من المعدلالأردن: امتداد منخفض البحر الأحمر نهاية الشهر وهذه أبرز تأثيراتهمساحة ضخمة لعين الإعصار "ميليسا" تضاهي مساحة الرياضتقرير مناخي يُسلّط الضوء على ضعف انطلاقة الموسم المطري واقتصار الهطولات على 3 محافظات