طقس العرب - في عمق جبال زاغروس جنوب مدينة قم الإيرانية، تقع منشأة "فوردو" النووية، في موقع لا يتميز فقط بالحماية الإنشائية، بل بما يمكن وصفه بـ"التحصين الجيولوجي الطبيعي"، الذي جعل منها إحدى أكثر المنشآت مناعةً في وجه التهديدات العسكرية. فكيف ساهمت الجغرافيا والجيولوجيا في احتواء وحماية المنشأة النووية.
وفي التفاصيل، تقع منشأة فوردو داخل جبل صخري ضمن سلسلة جبال زاغروس، وهي منطقة تُعد تقاطعًا بين الصفيحة التكتونية العربية والإيرانية، أي أنها أرض نشطة تكتونيًا، ما جعلها تتكوّن من طبقات رسوبية كثيفة مثل الحجر الجيري والدولوميت.
وتمتاز هذه الصخور بصلابتها ومقاومتها العالية للضغط، كما أن وجودها ضمن بنية جبلية مطوية بفعل التصدعات القديمة، يوفّر طبقات غير منتظمة تعيق انتقال الموجات الصدمية وتُضعف تأثيرها.
ويُعدّ الحجر الجيري والدولوميت من أبرز الصخور التي تمتلك خصائص امتصاص عالية للطاقة الناتجة عن الانفجارات والاهتزازات. هذا النوع من الصخور يُستخدم أحيانًا في أعمال التحصين العسكري، لكن في فوردو، وفّرته الطبيعة بشكل جاهز ومتين.
كما أن التشوهات البنيوية الناتجة عن الحركات التكتونية على مدى آلاف السنين، خلقت شبكات من الطيات والفوالق تزيد من تعقيد بنية الجبل، وتجعل من استهداف نقطة محددة داخل العمق الجبلي أمرًا صعبًا للغاية.
وتوجد المنشأة النووية على عمق يتراوح بين 80 إلى 110 أمتار تحت سطح الأرض. وهذا العمق، وإن لم يكن كبيرًا جدًا من الناحية العسكرية، إلا أنه كافٍ ليمنح حماية كبيرة ضد معظم الأسلحة وحتى اعتاها، وتفيد الدراسات بأن الضغط يزداد بمعدل يقارب 1 ميغاباسكال لكل 100 متر، بينما ترتفع درجات الحرارة بنحو 3 درجات مئوية لكل 100 متر، ما يوفّر بيئة تشغيل مستقرة تُقلل من مخاطر التمدد والانكماش الهيكلي للمرافق والمعدات.
كم ان اللافت في منشأة فوردو أن عملية التحصين لم تعتمد على الخرسانة فقط، بل على توظيف البنية الجبلية الصلبة والمتعرجة كجزء من الدفاعات الطبيعية. فالموجات الناتجة عن أي تفجير محتمل ستصطدم بطبقات غير متجانسة، ما يفقدها قوتها ويشتّت طاقتها قبل أن تصل إلى قلب المنشأة.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية والتقارير التحليلية أن الموقع اختير بعناية، ليس لكونه بعيدًا عن العيون فحسب، بل لأنه محاط بطبقات أرضية تمنح المنشأة "مناعة جغرافية" شبه تامة ضد الاختراق المباشر.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول