في صحراء المملكة العربية السعودية، وبين الرمال الذهبية، يمتد وادٍ عظيم يُعتبر من أطول الأودية في شبه الجزيرة العربية، إنه وادي الرمة، الذي يبلغ طوله حوالي 600 كيلومتر، يبدأ من مرتفعات المدينة المنورة غربًا، ويمر عبر منطقة القصيم قبل أن يصب قرب النفود الكبير شرقًا وصولاً حتى حفر الباطن.
رغم أنه اليوم يُعد واديًا موسميًا يجري الماء فيه فقط في مواسم الأمطار الغزيرة، إلا أن وادي الرمة كان في العصور المطيرة القديمة نهرًا دائم الجريان، ينساب مياهًا تغذي الأرض وتحيي الحياة النباتية والحيوانية على امتداد مساره، هذا التاريخ الطبيعي يجعل من الوادي سجلًا حيًا لتغير المناخ والجغرافيا في الجزيرة العربية.
في موسم الأمطار، يتحوّل وادي الرمة إلى نهر جارٍ مؤقت، حيث تتدفق المياه بعرض قد يصل لمئات الأمتار. المنظر عندها يخطف الأنظار ويجذب الزوار والمصورين، ويظهر الوجه الخلاب للطبيعة وسط صحراء كانت يومًا جرداء.
لا يقتصر دور وادي الرمة على جماله البصري، بل يمتد ليكون خزانًا طبيعيًا للمياه الجوفية. فهو يغذي الأراضي الزراعية على طول مساره، ويساهم في دعم الحياة النباتية والبرية في المنطقة.
عبر آلاف السنين، شكّل وادي الرمة طريقًا للقوافل بين الحجاز ونجد، وذُكر في الشعر العربي القديم، ليبقى شاهدًا على الارتباط الوثيق بين الإنسان والطبيعة في الجزيرة العربية.
في النهاية، وادي الرمة ليس مجرد وادٍ موسمي، بل أيقونة طبيعية وتاريخية تروي قصة مياه الجريان والصدف الطبيعية في قلب الصحراء، وتذكرنا بأن الطبيعة دائمًا قادرة على الإبهار، حتى في أصعب الظروف.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول