دراسة جوية : عِدّة أسباب جعلت من الموسم المطري ضعيفاً في الجزيرة العربية

2022-02-24 2022-02-24T11:34:42Z
محمد عوينة
محمد عوينة
مُتنبئ جوي

طقس العرب - كانت شبه الجزيرة العربية والسعودية على وجه الخصوص -وما زالت- تتأثر بموسم مطري ضعيف، وبمنأى عن أية موجة أمطار قوية أو شاملة، حيثُ تتميز هذه الفترة بأمطارها وتتابع خيراتها، في حين اقتصرت الأمطار على مناسبات قليلة على أجزاء عشوائية من المملكة وبحدة متوسطة.

 

ويسلط هذا التقرير الضوء على التحليل العلمي وشرح الخرائط الجوية في دراسة حصرية توضح أهم الأسباب التي جعلت من الموسم المطري 2021/2022 ضعيفاً على الجزيرة العربية. 

 

سلوك الأنظمة الجوية في طبقات الجو العالية

تدور في شتاء كل عام رياح غربية قوية عالياً في طبقة الستراتوسفير فوق القطب الشمالي، بحيث تدور حول هواء بارد في منطقة ضغط جوي منخفض، وهذا ما يسمى بالدوامة القطبية الستراتوسفيرية، وعلى الرغم من تواجدها على ارتفاعات شاهقة، إلا أن تأثيرها يصل إلى الارتفاعات القريبة من سطح الأرض، لا سيما في تلك الطبقات التي تتحكم في الطقس وشكل الأنماط الجوية. وفي ظل التبريد الكبير الحاصل في تلك الطبقات الواقعة حتى ارتفاع 30 كم من سطح الأرض والتي وصلت إلى درجات حرارة متدنية وقياسية في إحدى فترات شهر فبراير بالإضافة لشدة الرياح العرضية، ينعكس ذلك كله على الطبقات القريبة من سطح الأرض وانخفاض الضغط الجوي في الدائرة القطبية الشمالية (Polar Low) والممتدة من خطوط عرض عليا بين 60 و90 شمالاً.

 

ويؤثر/يرتبط تماسك الهواء القطبي في العروض العليا من شمال الكرة الأرضية أو بما يعرف بتماسك الخلية القطبية وهدوء في حركة التيارات النفاثة القطبية، بحالة الطقس في العروض المدارية والشبه مدارية (Sub-Tropical Region) تلك المحيطة بحوض البحر المتوسط، (والتي تقع في نهاية عزم الأحواض الباردة)، وتتأثر بشدّة محصلة/نتاج الخلية القطبية شمالاً ونشاط خلية العروض الوسطى (Ferrell cell)، وفي حالتنا هذه يعني أن الهواء البارد الفعال يجد صعوبة بالغة في التوغل جنوباً، مما يعني انقطاع الدعم العلوي. وذلك بسبب انحباس الهواء القطبي البارد في عروض عليا في الشمال بعيداً عن حوض البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي عدم حدوث انكسار قوي في التيارات النفاثة القطبية نحو مناطق شبه مدارية (حوض البحر الأبيض المتوسط).

 

 

وتوضح الخريطة الجوية المرفقة، إلى تركز النشاط العلوي بين شرق ووسط البحر المُتوسط أي بين مصر وليبيا، بينما بقيت أغلب مناطق شبه الجزيرة العربية قابعة تحت ظلال المرتفع الجوي شبه المداري، والذي له دور محوري في صد الموجات الرطبة سواءَ من الجنوب القادمة من بحر العرب او من الشمال القادمة من البحر المتوسط و بلاد الشام، والذي يجلب استقرار عام على الأجواء وسيطرة طقس بارد. ومع استمرار ثبات توزيع الكتل الهوائية والأنظمة الجوية من المحيط الأطلسي والقطب الشمالي والقارة الأوروبية، أدى ذلك الى بقاء المرتفع الجوي شبه المداري ثابت يُرواحه مكانه مُعظم الفترات.

 

كيف يُمكن للمسطحات المائية أن تُساهم في بلورة النُظم الجوية؟

لعلَّ أغلب الظواهر المناخية التي تؤثر على الطقس العالمي سببها العلاقة الثنائية بين المحيطات والغلاف الجوي، ومن أصعب التحديات في عملية التنبؤ بالطقس هو فهم تفاصيل التفاعل بينهما، والذي ما زال عصياً عن الفهم بشكل كامل ولم يتم حل شيفرة هذا التفاعل. وعند ذكر المحيطات لا بد أن نذكر أكبر محيطات العالم مساحة "المحيط الهادئ" والمنطقة الإستوائية منه التي يُعتقد أنها تلعب حرارة المياه فيها، دوراً بارزاً في التحكم بالغلاف الجوي (بشكل مباشر وغير مباشر) لاسيما في النصف الشمالي من الأرض.

 

والعديد من الدراسات العلمية التي توضح تأثير حدوث ما يُعرف بظاهرة اللانينا (انخفاض بدرجات حرارة سطح المياه في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادي عن معدلاتها العامة بأكثر من 0.5 درجة مئوية وخلال مدة زمنية تتجاوز 3 أشهر متتالية) على دوران خليه هادلي (وهي خليه مناخية دورانية الحركة، تنقل الهواء الاستوائي الحار نحو مداري السرطان والجدي ليهبط نحو سطح الأرض ويعود مرة أخرى الى خط الاستواء)، ويتكون التيار النفاث شبه الاستوائي نتيجة التقاء الرياح العلوية من دورة هادلي مع دورة فيرل، مما يعني أن ظاهرة اللانينا قد تؤثر بشكلٍ غير مُباشر على التيار النفاث شبه الاستوائي والمرتفعات الجوية التي تنشاً على خطوط عرض قريبة من 30 درجة شمالاً مثل المرتفع شبه المداري.

 

 

كما ويمتد تأثير ظاهرة اللانينا نحو المحيط الهندي، اذ تؤدي بشكل غير مباشر إلى خفض درجة حرارة سطح المياه في القسم الغربي من المحيط الهندي وبحر العرب (IOD-) مما يؤدي إلى تناقص كمية بخار الماء المُندفع نحو أجواء الجزيرة العربية بعد مشيئة الله.

 

التغيرات المناخية وأنماط الغلاف الجوي

يتبع الغلاف الجوي والمحيطات على حد سواء، دورات طبيعية تمتد بين 5 الى 30 عام، يعمل على فرز أنماط جوية محددة في النصف الشمالي من العالم. كما وتشهد الكرة الأرضية ظاهرة الانحباس الحراري، حيثُ لعب الانسان ومنذ بدء الثورة الصناعية منذ عام 1840 وحتى يومنا هذا، في زيادة انبعاث غازات الدفيئة والتي تخترن الحرارة بداخلها وتعيد إشعاعه مرة أخرى نحو الأرض، وهو ما أدى الى ارتفاع حرارة الأرض بين 1-2 درجة مئوية، فماذا يعني ذلك؟

 

يوضح طقس العرب، وبالرغم من تواجد ظاهرة الاحتباس الحرارية منذ سنين عديدة، الا أن الظواهر الجوية التي تتبلور على إثرها الظواهر الجوية تحدث بسبب حرارة سطح المحيطات وتوزيع الكتل الهوائية حولنا وهي من أدت الى ضعف الموسم المطري على الجزيرة العربية، فيما يؤثر الانحباس الحراري على زيادة ورفع مقدار تطرف الأحوال الجوية بعد مشيئة الله. وبالرجوع الى البيانات الأرشيفية، نجد أن ضعف الموسم المطري الذي نعيشه ليست تاريخية ولا غير مسبوقة، بل على العكس، حدث في السابق وسيحدث بإذن الله مراراً وتكراراً في المستقبل بلا توقف.

See More
أخبار ذات صلة
سلطنة عُمان | تزايد تأثر البلاد بحالة من عدم الاستقرار الجوي اليوم وفرص أمطار مصحوبة بالرعد في بعض المناطق

سلطنة عُمان | تزايد تأثر البلاد بحالة من عدم الاستقرار الجوي اليوم وفرص أمطار مصحوبة بالرعد في بعض المناطق

السعودية | رياح نشطة مع هبات قوية تتسبب في إثارة الأتربة والغبار في عدة مناطق اليوم

السعودية | رياح نشطة مع هبات قوية تتسبب في إثارة الأتربة والغبار في عدة مناطق اليوم

سلطنة عُمان - 5:35 صباحاً | أمطار متفاوتة الغزارة تؤثر على أجزاء من محافظة البريمي

سلطنة عُمان - 5:35 صباحاً | أمطار متفاوتة الغزارة تؤثر على أجزاء من محافظة البريمي

مركز طقس العرب ينشر تقريراً علمياً حول الحالة المطرية النادرة التي أثرت على الإمارات و المنطقة خلال الأسبوع الماضي

مركز طقس العرب ينشر تقريراً علمياً حول الحالة المطرية النادرة التي أثرت على الإمارات و المنطقة خلال الأسبوع الماضي