العربية
طقس العرب - تعتبر مشكلة تلوث الهواء مشكلة عالمية معروفة، وتكون أكثر وضوحًا في الدول الصناعية والمتقدمة. وتشكل تحديًا كبيرًا لمنظمة الصحة العالمية نظرًا للأخطار الصحية المتعددة التي يمكن أن تلحق أضرارًا بأعضاء الجسم المختلفة، وليس فقط الرئتين. منذ عقد كامل، تم اعتبار ملوثات الهواء عاملًا خطيرًا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وأمراض الجهاز التنفسي. وكلما كان الشخص أصغر سناً، كلما زاد حجم التأثير وتدهورت الحالة الصحية.
أظهرت دراسة نُشرت في مجلة "الرابطة الطبية الأميركية" (JAMA Network Open) أن تلوث الهواء يمكن أن يؤثر أيضًا على الصحة العقلية للأطفال الذين يتعرضون لكميات كبيرة من الهواء الملوث عندما يكبرون، ولا يقتصر تأثيره على الصحة العضوية فقط.
مصطلح "الهواء الملوث" يشير إلى تغيير تركيب الهواء في الجو بفعل مواد صلبة مثل المعادن والجسيمات الدقيقة، وبسبب تراكيز مرتفعة من المواد الغازية المختلفة التي تتجاوز الحدود المسموح بها. يتم انبعاث هذه المواد من مصادر متنوعة مثل عوادم السيارات والمواد الكيميائية في المصانع بجانب جزيئات الأتربة. تلعب المناطق الخضراء والأشجار دورًا مهمًا في تنقية الهواء وزيادة مستوى الأكسجين فيه، وبالتالي تعادل تلك المواد الملوثة. ومع ذلك، في المدن الكبيرة والمناطق الصناعية، لا تكون المساحات الخضراء كافية للتعويض عن هذه الأخطار.
أظهرت دراسة أجراها باحثون من جامعة ديوك في الولايات المتحدة أن الشباب في المملكة المتحدة الذين تعرضوا لكميات متزايدة من تلوث الهواء خلال طفولتهم ومراهقتهم كانوا أكثر عرضة للإصابة بأعراض اضطرابات نفسية وصحية، وهذا ينطبق بشكل خاص على الذين عاشوا في المدن الكبيرة التي تعاني من ازدحام المرور وعوادم السيارات، مثل أكاسيد النتروجين.
تم جمع بيانات نحو 2000 شخص من مواليد إنجلترا وويلز بين عامي 1994 و1995، وتم متابعتهم حتى وصلوا إلى مرحلة الشباب. قام الباحثون بتحليل مستويات تلوث الهواء بالمدن ومقاطعات إنجلترا وويلز، بما في ذلك تركيزات مختلف الغازات والجسيمات الدقيقة في الهواء. واكتشفوا أن نسبة 22٪ من الأفراد في العينة تعرضوا لتلوث الهواء بكميات تجاوزت الحدود المسموح بها من قبل منظمة الصحة العالمية لأكسيد النتروجين بشكل كبير، بينما تنفس 84٪ منهم كميات أكبر من الجسيمات الدقيقة.
أظهرت النتائج أن الأعراض النفسية مثل القلق والاكتئاب كانت أكثر انتشارًا بين الأفراد الذين تعرضوا للتلوث بكميات أعلى من هذه الملوثات. وتم الاكتشاف أن التأثير الأكبر كان عند الأشخاص الذين كانوا أصغر سنًا عندما تعرضوا لهذه الظروف الملوثة، حيث ظهرت الأعراض عادة عند سن الـ18. يُشير الباحثون إلى أهمية دراستهم في معرفة العلاقة بين تلوث الهواء والصحة النفسية، وكيف يمكن تحسين جودة الهواء في المدن الكبيرة للحد من هذا التأثير السلبي.
أكد العلماء على أهمية أخذ نتائج هذه الدراسة بنظر الاعتبار للكشف المبكر عن الاضطرابات النفسية للأطفال الذين يعيشون في مناطق تعاني من تلوث بيئي مرتفع. واستندوا إلى الأدلة السابقة من الدراسات التجريبية على الفئران التي تشير إلى الآثار السلبية التي يمكن أن تترتب على تعرض الجسم لملوثات الهواء. وقد قدموا تفسيرات محتملة لكيفية تأثير هذه الملوثات على الجهاز العصبي والمخ، مشيرين إلى احتمالية حدوث التهاب مناعي نتيجة ترسب الجسيمات الدقيقة في الجسم ووصولها إلى المخ عبر الدورة الدموية. ويمكن أن يكون هذا التهاب الجسم الجزء الأساسي من الآثار الضارة على المخ والجهاز العصبي.
وهناك تفسير آخر يشير إلى أن الأذى المباشر للمخ يمكن أن ينجم عن الجسيمات الملوثة التي يتم استنشاقها عبر الأنف، والتي بدورها قد تلحق أضرارًا بخلايا المخ والاتصالات العصبية.
وفيما يتعلق بالتوجيهات والإجراءات المقترحة، حذر العلماء من خطورة التعرض للملوثات وأشاروا إلى ضرورة نقل مصادر الانبعاثات الضارة مثل مولدات الطاقة ومحارق النفايات والمصانع إلى مناطق بعيدة عن المناطق السكنية والمدارس والنوادي. كما نصحوا بالبحث عن مصادر بديلة للطاقة غير ملوثة للبيئة. وأوصوا الآباء والأمهات بتجنب السكن على الطرق السريعة والشوارع الرئيسية المزدحمة بالمركبات قدر الإمكان، نظرًا للخطورة التي تمثلها على الأطفال. ودعوا الحكومات إلى الاهتمام بالبيئة والمحافظة على المناطق الخضراء.
المصدر: aawsat
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول
