العربية
طقس العرب - عادة ما يزداد انتشار الحشرات في فصل الصيف، ولكن ما أن نقترب من فصل الشتاء وتحل الأجواء الباردة فيصبح من النادر رؤية الحشرات والشعور بها من حولنا، قد تعتقد أن الحشرات تموت بحلول فصل الشتاء، ولكن إذا تعمقنا أكثر سنجد تفسيرًا علميًا آخر لهذا الأمر.
أفادت أحدث الدراسات أن الحشرات الطائرة تمامًا كما الطيور، تهاجر كُل موسم، ومن الجدير بالذكر أن هذه الظاهرة تعتبر أكبر هجرة وجدت في العالم في عصرنا الحالي.
يقول الدكتور (نير سابير- Nir Sapir)، من قسم التطور وعلم الأحياء البيئي في جامعة حيفا: «إن هجرة 3.5 ترليون حشرة بكتلة حيوية يصل حجمها لأكبر بسبع مرات من كتلة الطيور التي تُهاجر من بريطانيا إلى إفريقيا، تؤدي إلى مضاعفات بيئية كبيرة، فالحشرات حساسة جدًا لتغير المناخ وهذا ما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في عدد الحشرات المهاجرة مما يُسبِّب تغييرات بيئية مهمة».
افترض الباحثون سابقًا وجود العديد من الحشرات التي تهاجر موسميًا، ولكنهم لم يكونوا على دراية بأنواع هذه الحشرات ومواعيد هجرتها ونطاق تلك الهجرة، وما إلى ذلك.
قام باحثون من جامعة حيفا، وجامعة نانجينغ الزراعية، وجامعة إكستر، والجامعة العبرية في القدس، وجامعة غريينوتش، بالإضافة إلى باحثين من روتامستد، بإجراء دراسة دولية واسعة النطاق تغيّر هذه الوضع. حيث تم تركيب رادارات في جنوب إنجلترا منذ نحو 15 عامًا لجمع البيانات، واستُخدِمت بيانات هذه الأجهزة لتقدير حجم الكتلة الحيوية للحشرات على مساحة تقدر بـ 70000 كم². واستخدمت أجهزة الرادار لحساب وزن الحشرات، وسرعة واتجاه حركتها في الهواء وارتفاعها.
تم أيضًا استخدام شباك خاصة لجمع عينات من الحشرات التي يقل وزنها عن 10 ملغ، وتم تجميع بيانات حول الحشرات التي كانت تحلق على ارتفاعٍ
أظهرت نتائج الدراسة بوضوح اتجاه حركة الحشرات جنوبًا في فصل الخريف، وحركتها نحو الشمال في فصل الشتاء.
وفاجأ العلماء حجم هذه الظاهرة، حيث تكوَّنت 3.5 تريليون حشرة مهاجرة في كل موسم، وبلغ وزن كتلتها الحيوية 3200 طن. لم يتم فحص نقاط الانطلاق والوجهات لكل حشرة في هذه الدراسة، ولكن يعتقد الباحثون أن هذه الهجرة تمتد لمئات الكيلومترات على الأقل، وربما أكثر من ذلك بكثير.
أوضح الدكتور سابير: "يجب أن تصل هذه الحشرات إلى بريطانيا في فصل الربيع، حيث هناك دليل على أن هذه الهجرة تحدث ما وراء البحار. ونظرًا لأن بريطانيا العظمى هي جزيرة، فيجب على البعض منها الوصول إلى قارة أوروبا في الخريف".
وكانت مفاجأة أخرى أن الحشرات تعتمد على الرياح للوصول إلى وجهتها، حيث تختار تدفقات الرياح المحددة، فتستفيد من الرياح الجنوبية في الربيع والرياح الشمالية في الخريف. وأضاف الدكتور سابير: "تختار الحشرات فعلا وجهتها. فقد فوجئنا بوعي الحشرات في استخدام قدراتها الملاحية للوصول إلى وجهاتها باستخدام الرياح".
تفتح هذه النتائج أبوابًا لتأثيرات كبيرة على العديد من الأنظمة البيئية وحياتنا اليومية.
في معظم الحالات، تحتوي أجسام الحشرات على 10% نيتروجين و1% فسفور، مما يجعلها أسمدة ممتازة للنباتات والمحاصيل وتوفير المواد الغذائية للحيوانات مثل الطيور والخفافيش.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب الحشرات دورًا في تلقيح النباتات، وقد تكون ضارة للمحاصيل أو تقوم بقتل الآفات الأخرى، بالإضافة إلى نقلها للأمراض والطفيليات ووظائف أخرى.
أوضح الدكتور سابير: "تحمل هذه الكتلة الحيوية الضخمة أهمية هائلة للنظم البيئية المتنوعة في أنحاء كبيرة من العالم وحتى في حياتنا اليومية. دورات النيتروجين والفسفور ذات أهمية خاصة في الطبيعة، خاصة أن هذه المواد الكيميائية تشكل عنصرًا محدودًا في السلسلة الغذائية. وتنقل هذه الحشرات المواد الحيوية عبر مسافات هائلة".
تركز التداعيات التي تسببها هجرة الحشرات على استنتاج آخر من قبل الباحثين، حيث يظهر أن إجمالي الكتلة الحيوية للحشرات المهاجرة تختلف من عام لآخر بفروق كبيرة تصل أحيانًا إلى 200 طن.
يشير الباحثون إلى أن السبب في ذلك يعود إلى زيادة ولادة الحشرات في فصول الصيف الدافئة، مما يؤدي إلى زيادة الكتلة الحيوية للحشرات المهاجرة. على العكس من ذلك، تقليل ولادة الحشرات في الصيف البارد يؤدي إلى قلة الكتلة الحيوية للحشرات المهاجرة.
تشير ظاهرة التغيرات المناخية العالمية إلى أن المناخ في جميع أنحاء العالم يصبح أكثر دفئًا، وبناءً على ذلك، يُعتقد بشدة أن عدد الحشرات سيزداد بشكل كبير.
يُختتم الدكتور سابير حديثه بالقول: "لم نعرف بعد ما إذا كانت عمليات التكاثر زادت بشكل كبير لدى الحشرات أم لا، أو إذا ما اقتصر الأمر على أنواع معينة من الحشرات. في بعض الأحيان، يمكن أن تكون زيادة بعض أنواع الحشرات مضرة، وأحيانًا يمكن أن تكون نافعة. وبناءً على ذلك، من المبكر للغاية معرفة ما إذا كان يتوجب الترحيب بهذا النوع من التغيير، لكن من المؤكد أن هذه الهجرة تُعد أكبر وأهم هجرة قارية في العالم في عصرنا الحالي، فيتوجب علينا مراقبتها بعناية".
عندما يصبح الطقس أكثر برودة، تلجأ العناكب إلى الزوايا المظلمة في المنازل. يشير مايك دراني، عالم الأحياء في جامعة ويسكونسن جرين باي، إلى أن العناكب تستفيد من الليالي الباردة لاختبار إنتاج مركبات مضادة للتجمد. يُعتبر هذا اختبارًا لتكيفها مع الظروف الباردة، حيث تبحث العناكب عن أي مأوى خارجي يوفر حماية من الطقس، سواء كان دافئًا أو كانت هناك فجوة طبيعية يمكنها الاستتار إليها.
عادةً ما تكون الكائنات الصغيرة هي الأكثر عرضة للاحترار في فصل الشتاء، وتبذل العناكب الصغيرة جهودًا للتصدي للبرد عن طريق بناء أكياس البيض التي تشبه بذلة العنكبوت.
وأفادت مؤسسة سميثسونيان البحثية الأمريكية أن بعض الكائنات، مثل ديدان القز والفراشات، تبقى في مراحلها الغير ناضجة خلال فصل الشتاء وتظهر بشكل كامل بعد ذلك. وما زالت بعضها الآخر، مثل ديدان جذور الذرة، لا تفقس حتى ينتهي فصل الشتاء.
ووفقًا للجمعية الملكية لحماية الطيور في بريطانيا، تخطط العديد من الحشرات لحياتها وأنشطتها الرئيسية استنادًا إلى الطقس. فهي تختار ببساطة الدخول في حالة سبات خلال أبرد أوقات السنة، مع تجهيز كل ما يلزمها للبقاء على قيد الحياة.
تتضمن حياة بعض هذه الحشرات الموت في فصل الشتاء، بينما تدخل أنواع أخرى، مثل النحل العسل وبعض أنواع الفراشات، في حالة سبات.
تعتمد بعض الحشرات، مثل نحل العسل وحشرات السيدة، على تكتيك بسيط إلى حد ما حيث تتجمع في مجموعات كبيرة للحفاظ على الدفء من خلال حرارة أجسادها الصغيرة.
وتختار بعض الحشرات مغادرة المناطق الباردة، ففي إطار خدمة الغابات في الولايات المتحدة، تهاجر فراشة الملك إلى كاليفورنيا أو المكسيك، حيث تقوم برحلات طويلة تصل إلى 4828 كيلومترًا.
إقرأ أيضًا:
لماذا تقل الحشرات في الشتاء وتزداد في الصيف؟
المصادر:
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول
