خرافات ارتبطت بالقطط السوداء.. ما حقيقتها؟!

طقس العرب - هل تخشى من القطط السوداء؟ خاصة عندما تحدق بك بعيونها اللامعة في الليل! حتى أن البعض يغير مساره إذا صادف قطة سوداء في الطريق، فما أصل هذه السمعة السيئة التي ارتبطت بالقطط السوداء؟

القطط السوداء حيوانات لطيفة بخلاف لونها القاتم، لكن هذا الخوف الذي شاع بين الناس وانتقل عبر الأجيال، كان بسبب خرافات وأساطير ارتبطت بحكايات السحر أو الحظ السيئ أو خدمة الشيطان أو أمور غيبية كثيرة نسجتها مخيلة البشر ومصالح الكنائس القديمة التي حكمت أوروبا في عصور الجهل والظلام.

القطط في عصور الظلام في أوروبا ومطاردة الساحرات

عندما كانت النساء يتهمن بممارسة السحر في أوروبا في العصور الوسطى، تم ربط الشر والممارسات السحرية بالقطط السوداء.

يرجع ذلك إلى حد كبير بسبب مظهر هذه القطط ونقص المعرفة بحقيقة النسيج اللامع الموجود في عيونها، الذي يعكس الضوء ويساعد القطط على الرؤية في الليل والمسمى علمياً بـ "tapetum lucidum".

كما ساهمت حقيقة أن لون جسم القطط السوداء قاتم ويصعب تمييزه في الظلام، وأن عيونها فقط هي التي تتألق في الليل، مما جعل الناس يخشونها، كخوف البشر من أي شيء مجهول بالنسبة لهم.

قصة التحريض على القطط

بتاريخ 13 يونيو من عام 1233، اليوم الذي استلم فيه البابا "غريغوري التاسع" منصبه كأعلى سلطة في الكنيسة الكاثوليكية، حرض البابا  على القطط وخاصة القطط السوداء، بدعوى أنها مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالشيطان وبالتالي يجب قتلها، ومنذ ذلك التاريخ فصاعداً استمر حرق ملايين القطط معظمها سوداء، مع صاحباتها المتهمات بالسحر من قبل الكنيسة الكاثوليكية لمدة 300 عام.

وكانت القطط السوداء تُحشى في أكياس وتعلق على أغصان الأشجار. ثم يشعلون نارا كبيرة أسفلها مباشرة. وكلما زاد نواح وصياح القطط، زاد اعتقاد الناس أن الشيطان سيخاف ويبقى بعيداً. كان ذلك بسبب الاعتقاد الخاطئ والمشوه بأن القطط السوداء هي خادم الشيطان الخارق للطبيعة.

أهمية القطط السوداء في العصور المصرية القديمة

على عكس ما شاع في عصور الظلام في أوروبا، كانت القطط تحتل مكانة كبيرة لدى المصريين القدماء لادراكهم أهميتها، فقد تم اكتشاف العديد من تماثيل القطط ورسوماتها من العصور المصرية القديمة، التي تظهر أنها مخلوقات مقدسة احتلت مكانة عالية عند قدماء المصريين وكانوا يصنعوها من الذهب ويزينوها بنفائس المجوهرات والأحجار الكريمة.

وتعود أهمية تربية القطط والعناية بها في ذلك الزمان إلى كونها تحمي مخازن حبوب المصريين وتحافظ عليها خالية من القوارض، مما ساعدها على كسب حب الناس الذي ألهمهم النظر إليها على أنها آلهة وخاصة السوداء منها.

لكن لماذا لا تزال القطط السوداء تتمتع بسمعة سيئة إلى يومنا هذا؟

لأن هذه المعتقدات التي ليس لها أساس في الواقع تنتشر بسهولة، وتتناقلها الأجيال دون التحقق منها، مما يفسر نفور العديد من الناس من القطط السوداء.

والشيء العجيب في تأصّل هذه المعتقدات الباطلة أنها لا تعبر بشكل من الأشكال عن وجهة النظر المتأصلة في الإسلام تجاه الحيوانات، فالدين الإسلامي الحنيف لا يعتبر هذه الحيوانات خطراً على الإنسان بتاتاً، بل على العكس من ذلك، تنص تعاليم الإسلام على أن التلطف مع القطط علامة الرحمة في قلوب المؤمنين، ولا تعتبر الشريعة السمحاء الماء الذي تشربه القطط أو تلغ فيه، نجساً.

رأي الدين الإسلامي :

القطط من الحيوانات الأليفة التي تسكن البيوت، وتخالط الناس، سواء كانت بيضاء أو سوداء، كبيرة أو صغيرة، ذكورا أو إناثا.

فالأصل في القطط أنها من الطوافين علينا والطوافات، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما رواه أبو داود، والترمذي، عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:  أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ، دَخَلَ فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ، قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ . وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

المصدر

القطط السوداء هي حيوانات ذكية للغاية ولطيفة، وهي مثل باقي القطط الأخرى، يمكنها مشاركة الناس مشاعرهم والتعبير عن ذلك بالاقتراب والتلامس والبكاء والمواء السعيد الذي يعكس الفرح، فلنتلطف معها!