بالخرائط الاحصائية والدلائل العلمية .. طقس العرب يوضح السبب العلمي لتواتر موجات الحرّ على الجزيرة العربية خلال الفترة الماضية وهذه هي توقعاتنا للأشهر القادمة

2021-06-19 2021-06-19T08:13:51Z
محمد عوينة
محمد عوينة
مُتنبئ جوي

طقس العرب - تعيّش الجزيرة العربية منذُ مطلع يونيو الحالي على واقع أجواء لاهبة ومرهقة ودرجات حرارة قياسية، إذ سجلت بعض محطات الرصد الجوي حرارة الهواء في الظل إلى ما يفوق الـ 50 درجة مئوية بشكلٍ يمكن وصفه بالمبكر والقياسي نسبة لمثل هذا الوقت العام.

 

أبرز الأرقام القياسية المُسجلة في الجزيرة العربية

عند الحديث عن أهم الأرقام القياسية المُسجلة خلال يونيو الحالي، فقد سجلت المحطات الأرضية التابعة للمركز الوطني للأرصاد الإماراتية يوم السبت 5 يونيو في سويحان التابعة لإمارة أبوظبي درجة حرارة قياسية بمقدار 51.8 درجة مئوية وهي تبتعد عن المعدلات الطبيعية بأكثر من 18 درجة مئوية.

 

أما عن سلطنة عُمان فبحسب المديرية العامة للأرصاد الجوية بهيئة الطيران المدني أن درجة الحرارة العظمى المسجلة يوم الأربعاء 16 يونيو قد بلغت 51.6 مئوية في محطة الجوبة الواقعة في ولاية محوت، وتُعتبر هذه الحرارة المُسجلة هي الأعلى في تاريخ السجلات المناخية الخاصة بسلطنة عُمان.

 

 

ولم تسلم مكة المُكرمة من التأثيرات المُباشرة للموجة الحارّة فقد سجل مشعر عرفات في مكة المكرمة يوم السبت 12 يونيو أعلى درجة حرارة عظمى على وجه الأرض بواقع 49 درجة مئوية، وهي الحرارة الأعلى منذ سنوات طويلة في منطقة مكة المكرمة.

 

السبب العلمي لتواتر موجات الحر على الجزيرة العربية

أسئلة كثيرة يتم طرحها عن سبب سيطرة الكتل الحارة بشكلٍ قياسي على عموم أجزاء الجزيرة العربية وما ينجمُ عنها من موجات حارّة، ويُجيب طقس العرب أن هناك عوامل جوية معقدة تشكّل ظواهر الطقس في العالم والجزيرة العربية بشكل خاص، ونستعرض معكم أبرز الأسباب المُتحكمة بمشيئة الله على سيادة هذه الظروف الجوية.  

 

  • توزيع الأنظمة الجوية

تتمثل الأنظمة الجوية السائدة في النصف الشمالي للكرة الأرضية باندفاع لكُتل هوائية حارّة نحو الأجزاء الجنوبية والغربية للقارة الأوروبية والتي تمتد نحو عُمق القارة العجوز على فترات مُسببة موجة حارة في تلك المناطق، هذه الكتلة الحارّة قادمة من الأراضي الافريقية ومرافقة لتأثير مرتفع جوي قوي وعنيد في الطبقات العالية من الغلاف الجوي، نتيجة سلوك لنمط إيجابي لمعامل شمال المحيط الأطلسي (NAO) وضعف الخلية القطبية  (Polar Cell)الأمر الذي يؤدي إلى اندفاع سلسلة من الكتل الهوائية الباردة نسبياً شرق القارة الأوروبية لتُصبح بلاد الشام تحت تأثير كُتل هوائية معتدلة الحرارة ودرجات حرارة دون معدلاتها الطبيعية بشكلٍ لافت.

 

 

هذه المنظومة الجوية تجعل عموم مناطق الجزيرة العربية تحت بناء قوي للمرتفع الجوي شبه المداري، نتيجة نشاط وانكسار التيار النفاث فوق أجواء بلاد الشام حيث يتخذ دور حائط صد لأي توغل لهواء معتدل الحرارة قادم من الشمال، مما يعني انقطاع الدعم العلوي للجزيرة العربية، كما يُساهم المرتفع الجوي العلوي بارتداد التيارات الهوائية الصاعدة من سطح الأرض، وانبعاث تيارات هوائية هابطة والتي بدورها تتسبب في ضغط الهواء في طبقات الجو المنخفضة مُسببة ارتفاع في درجات الحرارة. 

 

 

الجدير بالذكر أن التيارات النفاثة تفصل بين الهواء البارد شمالاً والدافئ جنوباً في مستوى 300 الى 200 هكتوباسكال أي على ارتفاع 10-12 كم، وتندفع هذه التيارات عالية السرعة غالباً من الغرب إلى الشرق، وبالتالي توجه الطقس حول العالم.

 

  • دور تضاريس الجزيرة العربية

من جهةٍ أخرى، تلعب طبوغرافيا الجزيرة العربية دوراً هاماً في ارتفاع حرارة سطحه، حيثُ تتشكّل منخفضات حرارة سطحية موسمية ناتجة عن تزايد تأثير الاشعاع الشمسي على الجزيرة العربية، إذ أن المخزون الحراري الناتج عن كمية الإشعاع الشمسي التي تصل سطح الأرض هي المسؤولة بمشيئة الله في تغير قيم الضغط الجوي، حيثُ خلال الفترة الماضية تشكلت منخفضات جوية حرارة بقيم مُتدنية جداً في الجهة الشرقية للجزيرة العربية ساهمت في تدوير الرياح وجلب الكُتل الحارة خاصةً من جنوب العراق وحوض الخليج العربي إلى عموم مناطق الجزيرة العربية.

 

 

لا بأس من الإشارة أن طبيعة الجزيرة العربية من قلة التشجير يجعلّ قابليتها عالية لامتصاص الاشعاع الشمسي، بالإضافة إلى طبيعة تضاريس الجزء الشرقي للجزيرة العربية ومنها حوض الخليج العربي لقُربه من مستوى سطح البحر وهبوب رياح الشمال اللاهبة ليجعله من أكثر الأحواض حرارة على وجه الأرض بحيث يُصبح مسرحاً لتشكل المنخفضات الحرارية.

 

  • تأثير المُسطحات المائية على الغلاف الجوية

تلعب حرارة المسطحات المائية دوراً بارزاً في التحكم بالغلاف الجوي، ومن ضمنها المحيط الهادئ والمنطقة الاستوائية منه لاسيما منطقتي 3 و4، إذ أنها تُساهم بشكلٍ مباشر في التحكم بخلية هادلي ما بين اشتدادها وضعفها، وترتبط احصائياً ظاهرة اللانينا باشتداد في قوة وسطوة المرتفع الجوي شبه المداري على الجزيرة العربية، بالتزامن مع وجود تيارات دافئة شمال المحيط الهادئ التي تُساهم هي الأخرى باشتداد هذا المرتفع الجوي.

 

وفي ذات السياق، يُساهم التبريد الحاصل في مناطق عديدة من شمال المحيط الأطلسي، على اغلاق المسار الكلاسيكي للكتل الهوائية الباردة، لتبقى المنخفضات الجوية ثابته تُراوح مكانها لاسيما غرب الجزر البريطانية وايسلندا وصولاً إلى جزيرة جرينلاند الأمر الذي عمل على اندفاع كتل هوائية معتدلة الحرارة على بلاد الشام وما يعقبه من تأثيرات على الجزيرة العربية كما أسلفنا سابقاً.

 

 

ويُمكن تلخيص كل ما سبق، بأن سيطرة المرتفع المداري فوق الجزيرة العربية عمل كحاجز صد أمام توغل الهواء الأقل حرارة من الشمال، بالإضافة إلى نشاط عميق للمنخفضات الحرارية في الجزيرة العربية عملتّ على ازدياد وطأة الحر، كما يجب أن نُشير أن سيادة الطقس على مكان في العالم ومنها الجزيرة العربية لا يُمكن أن يكون بسبب ظاهرة جوية بعينها إنما يكون نتيجة مُحصلة للعديد من الظواهر الجوية.

 

توقعات طقس العرب للصيف القادم

قام فريق التنبؤات الجوية طويلة المدى في طقس العرب بإطلاق النشرة الموسمية لعموم مناطق شبه الجزيرة العربية لصيف 2021، للأشهر (يونيو ويوليو وأغسطس) 2021 وتتعلق التوقعات الجوية بسلوك درجات الحرارة والأمطار في مختلف مناطق شبه الجزيرة العربية.

 

وعنون طقس العرب نشرته الموسمية " موجات حارة واردة خاصة في يوليو وتحسن الأمطار الرعدية في جنوب الجزيرة العربية في النصف الثاني للصيف" كما يتوقع فريق طقس العرب نشاط لافت لرياح البوارح خلال فترة... أضغط هنا للمزيد.

See More
أخبار ذات صلة
الخليج العربي وبلاد الشام | حالة ماطرة إقليمية واستثنائية تشمل 12 دولة عربية وتستمر لأكثر من 10 أيام .. تفاصيل أولية

الخليج العربي وبلاد الشام | حالة ماطرة إقليمية واستثنائية تشمل 12 دولة عربية وتستمر لأكثر من 10 أيام .. تفاصيل أولية

السعودية | أمطار رعدية متوقعة في 5 مناطق يوم الخميس وقد تشمل مدينة جدة .. تفاصيل

السعودية | أمطار رعدية متوقعة في 5 مناطق يوم الخميس وقد تشمل مدينة جدة .. تفاصيل

السعودية | ما هي سندالة وهل سترحب بضيوفها قريبا؟

السعودية | ما هي سندالة وهل سترحب بضيوفها قريبا؟

المتبقي من عام 2024 سيكون بين كسوف وخسوف... ما القصة؟

المتبقي من عام 2024 سيكون بين كسوف وخسوف... ما القصة؟